المثبتات السبع لكلمة التقوى
كلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله). إذا طهّرت القلب من المنفيات فإنها تثبت فيه سبعًا ولا تنفع صاحبها في الآخرة إلا بها؛ ويجمع هذه المثبتات السبع سورة ( الإخلاص) وهي:
الأولى: العلم
فيكون على علم نافع بمعنى كلمة التقوى ولوازمها ومقتضاها وأنها نفى وإثبات، والنفي قبل الإثبات، ويعرف المنفيات السبع فينفيها ثم يثبت العبادة لله وحده، وكمال الطاعة والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم عن علم وبصيرة لا عن تقليد.
1- وقول الله تعالى: (إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُون).
2- وقول الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ).
3- وقول الله تعالى: (وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَاب).
4- وقول الله تعالى: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم). والشاهد هنا إما موصوف بالعلم، أو من شروطه العلم.
5- وعن عثمان رضي الله عنه مرفوعًا: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله, دخل الجنة). رواه مسلم.
الثانية: اليقين
فيكون على يقين راسخ لا ينازعه شكٌّ ولا يخالطه ريبٌ من استحقاق الله للعبادة وحده لا شريك له، وكذلك اليقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب طاعته ومتابعته.
1- وقول الله تعالى: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).
2- وقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا).
3- وقول الله تعالى: (قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين). وتأمل الحالات الثمان التي شرحها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى.
4- وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى اللهَ بهما عبدٌ غير شاكّ، إلا دخل الجنة). رواه مسلم.
وفي رواية، قال: (من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله، مستيقنًا بها قلبه، فبشِّرْه بالجنة).
5- وعن معاذ مرفوعًا: (ما من نفس تموت وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر الله له). رواه أحمد.
6- وعن فضالة بن عبيد مرفوعًا: (ثلاثة لا تسأل عنهم: ومنهم: رجل في شك من أمر الله). رواه أحمد.
الثالثة: القبول
فيقبل بكلمة التوحيد وما تقتضيه، ويقبل بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وما تقتضيه، وهذا هو معنى الإسلام والاستسلام والرضا، وهو ركن الدين الأكبر.
1- وقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين).
2- وقول الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير).
3- وقول الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون).
4- وقول الله تعالى: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد).
5- وقول الله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا).
6- وقول الله تعالى عن المشركين: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون . وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُون).
7- وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعًا: (من قَبِل مني الكلمة التي عرضتها على عمي فَردهَا عَليّ، فهي له نجاة). رواه أحمد.
الرابعة: الانقياد
وهو أن ينقاد ويسلم القِيَادَ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم عن رضا وقبول، ويعمل بما أُمر به ويجتنب ما نُهي عنه.
1- وقول الله تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ).
2- وقول الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة).
3- وقول الله تعالى: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِين).
4- وقول الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا).
5- وقول الله تعالى: (وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى). وليس السلام على من عرفه ولم يتبعه.
6- وقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُون).
7- وقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ).
الخامسة: الصدق
وهو أن يقول كلمة التقوى صادقًا من قلبه، وأن يصدق الله في الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا.
1- وقول الله تعالى: (وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون).
2- وقول الله تعالى: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى). قال ابن عباس رضي الله عنهما: صدَّق بـ (لا إله إلا الله).
3- وقول الله تعالى: (هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ).
4- وقول الله تعالى: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ).
5- وقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِين).
6- وقول الله تعالى: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا).
7- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعًا: (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار). متفق عليه.
السادسة: الإخلاص
وهو أن يخلص العبادة لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم ولا يدخل مع الله في عبادته ولا مع رسوله صلى الله عليه وسلم في متابعته شريكًا البتة، ويقول كلمة التقوى مخلصًا فيها.
1- وقول الله تعالى: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين . أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ).
2- وقول الله تعالى: (هُوَ الْحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين).
3- وقول الله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين).
4- وقول الله تعالى: (حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ).
5- وقول الله تعالى: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون).
6- وقول الله تعالى: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون).
7- وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: (أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه). متفق عليه.
وجاء في كثير من ألفاظ كلمة التقوى التأكيد على الإخلاص بإردافها بجملة (وحده لا شريك له). فدلَّ على الإخلاص فيها.
السابعة: المحبة الممزوجة بالتعظيم والخوف والرجاء
فيقول كلمة التقوى محبًّا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه راضيًا عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن دينه معظماً وهائباً وخائفاً وراجياً.
1- وقول الله تعالى: (مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ).
2- وقول الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم).
3- وقول الله تعالى: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِين).
4- وعن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال: يا رسول الله! ما الإيمان؟ قال: (أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما، وأن تحرق في النار أحب إليك من أن تشرك بالله). رواه أحمد.
----
الشيخ عبد الرحمن بن صالح الحجي