الموضع الثالث: قصة قراءته صلى الله عليه وسلم سورة النجم بحضرتهم، فلما بلغ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى)(النجم: 19)، ألقى الشيطان في تلاوته: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى"، فظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالها، ففرحوا بذلك فرحاً شديداً، وقالوا كلاماً معناه: هذا الذي نريد، ونحن نعرف أن الله هو النافع الضار وحده لا شريك له، ولكن هؤلاء يشفعون لنا عنده، فلما بلغ السجدة سجد وسجدوا معه، فشاع الخبر أنهم صافوه، وسمع بذلك من بالحبشة فرجعوا، فلما أنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، عادوا إلى شر مما كانوا عليه. ولما قالوا له: إنك قلت ذلك، خاف من الله خوفاً عظيماً، حتى أنزل الله عليه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) (الآية 52 من سورة الحج).
فمن فهم هذه القصة ثم شك بعدها في دين النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينه وبين دين المشركين، فأبعده الله، خصوصاً إن عرف أن قولهم: تلك الغرانيق الملائكة.